تعرف على توحيد الأسماء والصفات مع الأدلة والأمثلة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ،
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} ،
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} .
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم،
وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني في طريق إكمالنا لسلسلة 'عقيدة المسلمين الصحيحة'
نمر على عنواين ضاعت فيها كثير من الفرق و تاهت فيها النّاس
فمنهم من رجع ومنهم من زاده الله ضلالا على ضلال
اخواني موضوع اليوم في الأسماء و الصفات
فهي كما في الموضوع 'توقيفية' وليست محلا للنزاع
[توحيد الأسماء
والصفات]
س: ما هو توحيد الأسماء والصفات؟
جـ: هو الإيمان بما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه
ووصف به رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء الحسنى والصفات العلى، وإمرارها كما
جاءت بلا كيف، كما جمع الله تعالى بين إثباتها ونفي التكييف عنها في كتابه في غير
موضع كقوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا
يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 110] وقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] وقوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ
الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}
[الأنعام: 103] وغير ذلك، وفي الترمذي عن أبي بن كعب رضي الله عنه «أن المشركين
قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم - يعنى لما ذكر آلهتهم - أنسب لنا ربك، فأنزل
الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ - اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 1 - 2] »
والصمد الذي {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3] ؛ لأنه ليس شيء يولد إلا
سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله تعالى لا يموت ولا يورث {وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] قال: لم يكن له شبيه ولا عديل، وليس كمثله شيء
(1) .
[دليل الأسماء الحسنى من الكتاب والسنة]
س: ما دليل الأسماء الحسنى من الكتاب والسنة؟
جـ: قال الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ
الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}
[الأعراف: 180] وقال سبحانه: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ
أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110] وقال عز وجل:
{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه: 8]- وغيرها
من الآيات، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها
دخل الجنة» (2) . وهو في الصحيح، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أسألك اللهم بكل
اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به
في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي» (3) . الحديث.
[مثال الأسماء الحسنى من القرآن]
س: ما مثال الأسماء الحسنى من القرآن؟
جـ: مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا
كَبِيرًا} [النساء: 34]- {إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب: 34]-
{إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فاطر: 44]- {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا
بَصِيرًا} [النساء: 58]- {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 56]-
{إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 23]- {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ
رَحِيمٌ} [التوبة: 117]- {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263]- {إِنَّهُ
حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73]- {إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} [هود:
57]- {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61]- {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ
رَقِيبًا} [النساء: 1]- {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء: 81]- {وَكَفَى
بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: 6]- {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا}
[النساء: 85]- {أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53]- {إِنَّهُ بِكُلِّ
شَيْءٍ مُحِيطٌ} [فصلت: 54]- وقال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] وقال تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ
وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3] وقوله
تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ - هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ
إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ
الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ -
هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}
[الحشر: 22 - 24] وغيرها من الآيات.
[مثال الأسماء الحسنى من السنة]
س: ما مثال الأسماء الحسنى من السنة؟
جـ: مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «لا إله إلا الله
العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب
الأرض ورب العرش الكريم» (4) وقوله صلى الله عليه وسلم: «يا حي يا قيوم يا ذا
الجلال والإكرام يا بديع السماوات والأرض» (5) وقوله صلى الله عليه وسلم: «بسم
الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم» (6)
وقوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم عالم الغيب والشهادة، فاطر السماوات والأرض، رب
كل شيء ومليكه» (7) . الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم رب السماوات
السبع، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة
والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك
شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، أنت الباطن فليس دونك
شيء» (8) . الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض
ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن» (9) . الحديث، وقوله صلى
الله عليه وسلم: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد
الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد» (10) . وقوله صلى الله عليه
وسلم: «يا مقلب القلوب» (11) . الحديث، وغير ذلك كثير.
اخواني لعل منكم من يستغرب تحدث الشيخ عن الأسماء و الصفات
لكن هناك من الفرق المنسوبة إلى الإسلام من تنفي هذه الأسماء أو تعطلها
أو تأولها إلى معنى آخر ومثال ذلك
كمن يؤول صفة اليد على أنها القدرة
ومثال ذلك كثير لكم أن تبحثوا وستجدون طوامًا بقول بها أقوام
هذا و ستكون لنا رجعة -بغذن الله رب العالمين- مع موضوع جديد من السلسلة
وإلى ذلك الحين أترككم في رعاية الله وحفظه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(1) (حسن) ، رواه أحمد (5 / 134) ، والترمذي (3364) ، ورواه عن أبي العالية
مرسلا (3365) ، والحاكم (2 / 540) ، والبيهقي (في الأسماء والصفات / 354) ، وابن
أبي عاصم (1 / 298) ، وفي سنده أبو بكر الرازي، قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق
سيئ الحفظ، وقد نوه الترمذي إلى أن المرسل أصح، قال الحافظ في الفتح (8 / 739) :
وصحح الموصول ابن خزيمة والحاكم، وله شاهد من حديث جابر عن أبي يعلى والطبري
والطبراني في الأوسط، اهـ. وقد حسن إسناده السيوطي في الدر المنثور (6 / 410) من
حديث جابر، اهـ. قال الهيثمي (7 / 146) : رواه الطبراني في الأوسط، اهـ.
(2) رواه البخاري (2736، 7392) .
(3) (صحيح) ، رواه أحمد (1 / 391، 452) ، وابن حبان (968) ، والحاكم (1 /
509) ، وأبو يعلى (5297) ، وقد عدد الشيخ الألباني طرقه في الصحيحة (199) وناقش ما
دار حولها من خلاف ثم قال: وجملة القول أن الحديث صحيح من رواية.
(4) رواه البخاري (7431، 7426) ، ومسلم (الذكر / 83) .
(5) (صحيح) من حديث أنس ولفظه: ". . بديع السماوات
والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم. . " رواه أحمد (3 / 120، 158،
245) ، وأبو داود (1495) ، والنسائي (3 / 52) ، وسكت عنه الإمام أبو داود، وقد
صححه الشيخ الألباني ورواه الحاكم (1 / 504) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم،
ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(6) (صحيح) من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، رواه
أحمد (1 / 62، 66، 72) ، وأبو داود (5088) ، والترمذي (3388) ، وابن ماجه (3869) ،
قال الإمام الترمذي: حسن صحيح غريب وسكت عنه الإمام أبو داود، وقال الحافظ
العراقي: رواه أصحاب السنن وابن حبان والحاكم وصححه من حديث عثمان، اهـ. قال
الزبيدي: وكذلك رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن السني وأبو نعيم في
الحلية والضياء في المختارة، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف بلفظ: " من قال
ذلك إذا أصبح وإذا أمسى ثلاث مرات. . " (إتحاف 5 / 131، 132) ، وقد صححه
الشيخ الألباني.
(7) (صحيح) من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو. رواه
أحمد (1 / 9، 10، 14، 2 / 196، 297) ، وأبو داود [5067] ، والترمذي [3529] ،
والدارمي [6292] ، والحاكم [1 / 513] ، وقد صححه الألباني وقال الحاكم: هذا حديث
صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، قال الشيخ شاكر: إسناده صحيح، وقال
الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
(8) رواه مسلم (الذكر 61، 62، 63) ، وأحمد (2 / 381،
404، 536) .
(9) رواه البخاري (1120، 6317) ، ومسلم (مسافرين / 199)
.
(10) (صحيح) رواه ابن ماجه (3857) ، والترمذي (3475) ،
وأحمد (5 / 349، 350، 360) من حديث بريدة الأسلمي، ورواه الحاكم (1 / 267) ،
والنسائي (1301) من حديث محجن بن الأدرع، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقال
الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقد صححه
الألباني.
(11) (صحيح) ، رواه الترمذي (3522) ، وأحمد (6 / 294،
315) من حديث أم سلمة، ورواه أحمد (4 / 182) من حديث نواس بن سمعان، ورواه الحاكم
(2 / 288) من حديث جابر بن عبد الله، ورواه أحمد أيضا (6 / 91، 251) من حديث عائشة
رضي الله عنها، ورواه الترمذي أيضا (2140) من حديث أنس بن مالك، قال الإمام
الترمذي: (هذا حديث حسن) قلت: قال ذلك الترمذي على حديث أم سلمة وحديث أنس، لكنه
عقب على حديث أنس بقوله: وحديث أبي سفيان عن أنس أصح. قال الألباني معقبا على
تحسين الترمذي: قلت: وهو على شرط مسلم (مشكاة 102) ، وقد صححه في تعليقه على كتاب
السنة لابن أبي عاصم (1 / ح 225) .
ليست هناك تعليقات