الشرك الأصغر...تعرف عليه واجتنبه
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ،
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} ،
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} .
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم،
وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كما أشرت في الموضوع السابق
فموضوع اليوم عن الشرك الأصغر
ومن خطورته العظيمة أنه منتشر بشكل ملحوظ
والغالب من أمر المسلمين من يجهله
لذلك كان موضوع اليوم بأهمية عظيمة
ونسأل الله أن يستفيد كل من يقرأه
ملاحظة : المراجع جعلت في آخر الصفحة لطولها.
[الشرك الأصغر]
س: ما هو الشرك الأصغر؟
جـ: هو يسير الرياء الداخل في تحسين العمل المراد به الله تعالى، قال الله
تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا
وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] وقال النبي صلى الله
عليه وسلم: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر» (1) فسئل عنه فقال: (الرياء) ، ثم
فسره بقوله صلى الله عليه وسلم: «يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل
إليه» (2) . ومن ذلك الحلف بغير الله كالحلف بالآباء والأنداد والكعبة والأمانة
وغيرها، قال صلى الله عليه وسلم: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد»
(3) وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا والكعبة، ولكن قولوا ورب الكعبة» (4) .
وقال صلى الله عليه وسلم: " «لا تحلفوا إلا بالله» (5) وقال صلى الله عليه
وسلم: «من حلف بالأمانة فليس منا» (6) وقال صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله
فقد كفر أو أشرك» (7) وفي رواية: (وأشرك) . ومنه قوله: ما شاء الله وشئت. وقال النبي
صلى الله عليه وسلم للذي قال ذلك: «أجعلتني لله ندا بل ما شاء الله وحده» (8) .
ومنه قول: لولا الله وأنت، وما لي إلا الله وأنت، وأنا داخل على الله وعليك، ونحو
ذلك. قال صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما
شاء الله ثم شاء فلان» (9) . قال أهل العلم: ويجوز لولا الله ثم فلان، ولا يجوز
لولا الله وفلان.
[الفرق بين الواو وثم]
س: ما الفرق بين الواو وثم في هذه الألفاظ؟
جـ: لأن العطف بالواو يقتضي المقارنة والتسوية، فيكون من
قال: ما شاء الله وشئت، قارنًا مشيئة العبد بمشيئة الله مسويا بها، بخلاف العطف
بثم المقتضية للتبعية، فمن قال: ما شاء الله ثم شئت، فقد أقر بأن مشيئة العبد
تابعة لمشيئة الله تعالى، لا تكون إلا بعدها، كما قال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ
إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30] وكذلك البقية.
الرياء و الحلف بغير الله
فالأول لا كلام لنا فيه ( لأنه لا يعلم ما في القلوب إلا الله )
أما الحلف بغير الله فكثير منّا يشهد أنه يعرف من يحلف بغير الله
إمّا جاهلا بالأمر إجمالا أو بخطورته
أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في الأقوال و الأعمال
وفي الأخير أثر عظيم أدعوكم بشدة لقرائته والانتفاع به :
- روى البخاري في " الأدب المفرد " (716) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَلشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى شَيْءٍ إِذَا قُلْتَهُ ذَهَبَ عَنْكَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ ؟ قَالَ : قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لما لا أعلم ) ، وصححه الألباني في " صحيح الأدب المفرد " .
(1) (صحيح) ،
رواه أحمد (5 / 428، 429) ، والبغوي في شرح السنة (14 / 324) عن عمرو بن أبي عمرو،
وعن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحديث، وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين غير محمود بن لبيد فإنه من
رجال مسلم وحده.
قال الحافظ:
وهو صحابي صغير وجُلّ روايته عن الصحابة (أفاده الشيخ الألباني في الصحيحة 951) .
(2) (حديث حسن.
والجزء الذي احتج به الحافظ الحكمي " صحيح لغيره " أو نقول صحيح المتن)
، رواه ابن ماجه (4204) بسند حسن على الراجح، وقد قال الإمام البوصيري عن سند ابن
ماجه: " هذا إسناد حسن. كثير بن زيد وربيع بن عبد الرحمن مختلف فيهما "،
رواه الإمام أحمد من حديث أبي سعيد أيضا والبيهقي، ورواه أحمد بن منيع ثنا كثير،
فذكره بزيادة في أوله كما أوردته في زوائد المسانيد العشرة. اهـ.
قلت: وكثير بن
زيد صدوق يخطئ، وربيع مقبول كما قال الحافظ، يعني عند المتابعة، وقد توبع خاصة في
الجزء المحتج به في الحديث لما رواه ابن خزيمة (937) ، وصححه بإيراده أيضا محتجا
به، وقد احتج به أيضا الحافظ المنذري في الترغيب بتصديره بـ " عن "، وهو
من حديث محمود بن لبيد قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أيها
الناس، إياكم وشرك السرائر، قالوا: يا رسول الله، وما شرك السرائر؟ قال: يقوم
الرجل فيصلي فيزين صلاته جاهدا لما يرى من نظر الناس إليه، فذلك شرك السرائر
".
(3) (صحيح) ،
رواه أبو داود (3248) ، والنسائي (7 / 5) ، وسكت عنه الإمام أبو داود، وصححه
الألباني.
(4) (صحيح) ،
رواه النسائي (3773) ، قال الحافظ في الإصابة (4 / 329) : أخرجه النسائي وسنده
صحيح، وقد رواه النسائي في الكبرى (3 / 329) . أخرجه النسائي وسنده صحيح، وقد رواه
النسائي في الكبرى (3 / 124) وفيه ". . فأمرهم إذا أرادوا أن يحلفوا أن
يقولوا ورب الكعبة. . ". ولم نره واللفظ الذي أورده المؤلف.
(5) تقدم رقم
(3) .
(6) (صحيح) ،
رواه أبو داود (3253) حدثنا أحمد بن يونس، ثنا زهير، ثنا الوليد بن بن ثعلبة
الطائي، عن أبي بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث.
وقد قال الشيخ الألباني: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات اهـ.
(7) (صحيح)
رواه أحمد (2 / 34، 67، 69، 86، 125) ، ورواه أبو داود (3251) ، والترمذي (1535) ،
والحاكم (4 / 297) ، والبيهقي (10 / 29) ، وقد سكت عنه الإمام أبو داود، وقال
الإمام الترمذي: هذا حديث حسن، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقد صححه أيضا الألباني.
(8) (سنده حسن
وهو صحيح لغيره) ، رواه أحمد (1 / 214، 224، 283، 347) ، وابن ماجه (2117) ،
والنسائي (في الكبرى) ، والطحاوي (1 / 90) ، وأبو نعيم (4 / 99) ، ورواه أيضا
البخاري في الأدب (783) ، قال الحافظ العراقي: رواه النسائي في الكبرى وابن ماجه
بإسناد حسن، اهـ. (إتحاف 7 / 574) وقد جاء الحديث عن طرق عن الأجلح عن يزيد بن
الأصم عن ابن عباس إلا أن ابن عساكر قال: " الأعمش " بدل " الأجلح
"، والأجلح هذا هو ابن عبد الله أبو حجية الكنزي، وهو صدوق شيعي كما في
التقريب، وبقية رجاله ثقات، رجال الشيخين، فالإسناد حسن وله شواهد تصححه.
(9) (صحيح) من
حديث حذيفة. رواه أحمد (5 / 384، 394، 398) ، وأبو داود (4980) ، والبيهقي (3 /
216) ، والطحاوي (1 / 90) من طرق عن شعبة عن منصور بن المعتمر سمعت عبد الله بن
يسار عن حذيفة به، وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين، غير عبد الله
بن يسار وهو الجهني وهو ثقة، وثقه النسائي وابن حبان.
ليست هناك تعليقات